Sunday, July 31, 2005

 

In the beginning ...


Today is my birthday, I'm now 29.
The following photos are Medea's 'virtual' birthday pressys for me.
It is her first art collection, so to speak, of what I call 'Doodle Art'.



My Birthday Cake ... Hope it will be 'yummy'




Jason on pram



Jason and Medea rowing....






Jason and Medea in Egypt ....




Jason and Medea in England ....





Jason on horseback....


Monday, July 25, 2005

 

A Deed without a name!



“A deed without a name” is a phrase spoken by the ‘secret, black, and midnight hags’ in one of Shakespeare’s bloodiest and darkest tragedies to describe their ever-damning witchcraft. Yes, ‘a deed without a name’ is what every sane Egyptian thinks of now as to describe no less bloody (terror)/witchcraft!

Sharm El-Sheikh (or ‘Sharm’ as we like to call or ‘nickname’ it, we tend to pamper our cities too?) is an Egyptian tale of unanimous resolve to turn a nameless village at the tip of a once-occupied Sinai into a world-class resort and a ‘historical’ city, a genuine ‘City of Peace’. Sharm was – in short – ‘hadouta masreyya’ in its own right.

And ‘Hadouta’ in our modern Egyptian tongue does not only entail a ‘tale’, but surely an ‘excellent’ one! We say or exclaim that “X is a hadouta’, when we want to praise X’s excellence or preeminence. It is the city with which a love story was born, every Egyptian ‘loves’ Sharm: those who work there, those who travelled there for their honeymoon, those who travelled there for a summer vacation, and even those who have never been there!

I still can graphically remember how proud I was when I was invited to work as an interpreter in an international conference held in one of Sharm’s 5-star hotels. When some VIP from the EU Commission declared that Sharm El-Sheikh may truly be classed amongst the world-class resorts, no less than the French Riviera, or even the pre-Tsunami Southeast Asian paradise-like beaches.



Yes, we need and will mourn, get angry, or light candles for the souls of the loved ones who lost their lives simply because it was ‘someone’ else’s decision to rip them of their dearest possession. But, would tears, screams, sighs, or even lit candles restore the dead, or stop this ‘someone’ from taking that ‘decision’ over and over again?

‘The Cancer is within”, thus spoke
ChõasGnõsis! We must engage in a serious process of self-scrutiny to dismantle the ‘cancerous’ cells, those cells which grow and grow silently and maliciously inside our body, till they get ‘us’ killed (without knowing the reason)!! However, our self-scrutiny process oughtn’t be a priori one, meaning that we shouldn’t be drifted into the easy direction of taking resolve to fight a religion-based terror. This would only keep us from observing other factors that are no less deadly. Religion, any religion, may be a fuel to holding arms against any their targets. I agree to this. Unfortunately, nothing can be more convincing than all the inter- and intra-faith wars all through the history of humankind!

On the other hand, the cancer from ‘without’ should equally be handled without falling in the trap of the silliest ‘paranoid’ conspiracy theories, to quote
Daniel Pipes. “The Pakistanis did it! The Jews! The regime itself did it!”, we exclaim. Conspiracy theories are not to be taken too seriously, nor too lightly. We have enemies, yes, but what are the real and/or potential capabilities of this ‘enemy’ to penetrate us? Are we so susceptible to further blows from this potential/real enemy? How can we be more immune to such (potential) blows in the future?

Diamond cuts diamond, that what people say. However, violence begets violence. It, surely, does NOT ‘cut’ it!! Whether it’s a form of terror fueled by any ‘reading’ into any faith or ideology or not, it shouldn't be dealt with 'counter-violence'. We must admit it is violence that is based on 'thought', whatever devastating this thought's consequences might be! In the world of ideas, the dialectical conflict between idea A and idea B will lead to the ‘survival’ of idea A if, and only if, it has proven to be ‘sounder’ and ‘mightier’. The law “survival for the ‘fittest’” applies to the world of ideas too!

Thursday, July 21, 2005

 

Requiescam



I am for sleeping and forgetting
All that has gone before;
I am for lying still and letting
Who will beat at my door;
I would my life's cold sun were setting

To rise for me no more.

Countee Cullen (1903-1946)

Thursday, July 14, 2005

 

خواطر على شكل رباعيات ومربعات

ماشي في طرق ومفارق
عدي العمر مني ومفارق
وده ربــك لما حكم
كل حبيب لابد مفـارق

الهم قدامي وماشي ورايا الهم
القلب معجون بالوجع يا ولد العم
وسنيني على حيطاني بلون الدم
عيني ع اللي عشق وبات بالهم

الدنيا غرورة وقلة مكسورة
وقالوا غازية وغنجها عاجبني
زينة عجب وبلاوي مستورة
وطيف هناك ماشي وسايبني

العشق عبر أرضنا سوَّاح
قلنا له أرض بايرة وبراح
سكن العشق أرضنا ومراح
ضرب بفاسه قلبي ومَرَح

علاء الدين



Monday, July 11, 2005

 

عزرائيل بالمنطقة


بالأمس القريب كان عزرائيل يمرح في منطقتنا، فها هو يقطف رأس السفير المصري في بغداد في ذات الوقت الذي حصد فيه 37 رأسا إنجليزيا – حسب التقارير الرسمية (ده غير "الفكة" اليومية في العراق وأفغانستان وفلسطين)، وبالأمس فقط أبى عزرائيل – في فورة لعبه ومرحه – إلا أن يزورنا ويقبض روح عمتي لتسلم الروح إلى بارئها بعد حياة كفاح ثرية دامت 63 عاماً...

وإنا لله وإنا إليه راجعون.

Sunday, July 10, 2005

 

الإصابة في تمييز النَّهابَة

(هذه محاولة لكتابة مقامة منذ 8 سنوات)



أردت يوماً الذهاب إلى إحدى المصالح الحكومية، فأعددت العُدَّة ونزلت إلى أحد الشوارع العمومية، وظللت أمشي وأمشي حتى وصلت إلى موقف الحافلة، فهنالك رأيت جمعاً غفيراً أشبه بالقافلة، فساورني الشك في هذا الأمر العجيب، وحاولت أن أَقْدَحَ زناد الفكر في هذا الحدث الغريب، وكنت متردداً آنذاك .. هل أسأل عن هذا الجمع؟ وهل يا تُرى سيرد المسئول بالقبول أم بالمنع؟ فاستجمعت أعِنَّة شجاعتي وتسلحت بدروع جرأتي وقلت ناصيتي بيدي، وتقدمت بسرعة ورشاقة نحو أحد الواقفين تبدو عليه الفاقة، فألقيت عليه السلام، فرَدَّ بسلام مثله ثم سألت: "ما بال هذه القافلة تقف هنا في موقف الحافلة؟" فلم يُبْدِ استجابة للسؤال، فبادرته في الحال: "أهذه القافلة تابعة لقبيلة ما؟" عندئذٍ اتسعت حدقتا عيناه وفَغَر فاه وبادرني قائلاً بعد أن بدأت أظن أنه أبو الهول قائماً: "أ أنت من هذي البلاد؟" فلم أكد أسمع قوله حتى نظرت بقمة الثقة وملامح السخرية: "وهل تظنني من قبيلة عاد وثمود وعاد أم من بلاد الواق الواق"، فقال: "سبحان الرزاق! ما بالك يا صاح توشك أن تؤذن بالصياح، فإن كنت من أهل البلد، فاللهم أفرغ علينا صبراً وجَلَد، حيث إنك لا تعي أن تلك القافلة المزعومة ما هي إلا أناس ينتظرون حافلة الحكومة! أما إذا لم تكن من أهل الديار، فلا تثريب عليك، فأحوالنا معها اللبيب يحار".

فشكرته على الإفادة، ورفعت يدي إلى رأسي كالعادة، وجعلت أفكر وأفكر وأتأمل وأتدبر، وأدركت بالفطنة والمنطق أنني وقعت بين فكي مأزق، وأنني سأظل واقفاً ههنا طويلا، وفجأة ودون مقدمات سمعت صراخاً وعويلا، وحدث من الأمور الفوضوية والأحداث الدهمائية ما لم يَرِدْ في الكتب والدوريات وعجزت عنه الصحف والمجلات، فاشرأبت أعناق وتوارت أعناق وتعالى الغبار حتى شعرت بالاختناق، وكعادتي سألت شابة صغيرة لكنها لا يبدو أنها غريرة عن تلك الحركات العنيفة والاختلاجات المخيفة، فضحكت حتى أُغْرِقَت في الضحك، وقالت وهي لا تتمالك نفسها إني أنصحك، بأن تستخدم الكمامة لأن أنفك المترفة لا تحتمل أريج التراب وعبق القمامة .. في هذه اللحظة أدركت بعقلي الفَطِن أنها ما ضحكت إلا على صوتي الأغن، وذلك بسبب إصبعيَّ اللذان أطبقا على منخاريَّ لمنع الغبار والأتربة من الوصول لمسالك الرئة.

عرفت من الفتاة أن أحد المجرمين العتاه قد سطا على قلادة لامرأة من المنتظرين للحافلة؛ فأثار ذلك غائلة الصدور، وقَدَحَت العيون بالشرور، وانطلق اللص على دراجته البخارية في حبور وسرور، وتعطلت لهذا حركة المرور، فقلت في نفسي اللهم قِنا أهل الشر والأذية، وأبعد عنا شر البلية والمصيبة الرزية وبخاصة أصحاب الدراجة البخارية، وفي أثناء هذا الموقف الجليل وذلك الحدث المهول، أَلْفَيْتُ الناس يشيرون في ذهول .. ما هذا؟ ما هذا؟ لا أكاد أصدق عيناي، تكذبني أذناي، عقلي يعرض عليَّ ورقة استقالته ... أهي الحافلة أم أن الأمر سراب لا يزال على حالته؟

وتحقق الحلم ووضحت الرؤيا واستقرت الحافلة .. وقتئذٍ علمت بأنني كنت أفْجَر من إساف ونائلة فعاقبني الله على هذه المَتْرَبة بالاضطرار لركوب تلك المركبة.

وأعجب ما في الأمر أنني لم أركب الحافلة لكني أَلْفَيْتُ نفسي بداخلها، في المنتصف بين أولها وآخرها، وتبادى علمي فيما بعد أن ما أوصلني إلى المكانة العالية الرفيعة لم يكن إلا ما يسميه أهل العلم "قوة الدفع" وكدت – لولا أن أُلامَ – أن أذرف الدمع لا لشيء إلا لما تعرضت له من سباب ولعان وقذع، وما وُجِّه لي من ركلٍ ومكاتفة وصَفْع، وما أصاب ملابسي من اتساخ وإهانة وقطع. وبعد أن استقر بي المقام في الحافلة بين أحضان العوام سألت من بجواري: "أهي سياسة تكسير العظام؟ فردَّ هامساً ومعاتباً في ذات الوقت" "صهٍ صهٍ ثكلتك أمك أيها النزق الأخرق، أتتكلم في السياسة؟ مالك وتكسير العظام؟ أ أنت معادٍ للنظام أم ممن يبغضون الحكام؟ أم أنت من طائفة حلال وحرام التي تسعى في البلاد بالفساد والإجرام؟"

وعند سماعي لهذا الهمس المتتابع، وتلك التهم المسبوكة ذلك السبك الرائع، انتصب شعر رأسي، وانتفخت عيناي وذبلت أذناي واصطكت أسناني وتراقص قلبي في زنزانته البيضاء فقلت لنفسي هذه ثالثة الأثافي .. اللهم لطفك في القدر الخافي .. وفي تلك اللحظة أومأ لي أحد الوقوف أننا اقتربنا من ميدان "العباسية" وأردف ذلك بإيماءات أخرى بأصابعه كأنه يتخيل أُذُنَه مسماراً ملولباً فقلت له ناصحاً مُقَرِّعاً: "لا تأكل اللحم المعلبا فهو أصلاً هاضم للمعدة بإفرازاته الحمضية، قابض لعضلة المخ بأليافه القلوية، ملينٌ للقولون مرقق للأمعاء الغليظة ومضخمٌ للأمعاء الدقيقة، إلى غير ذلك من أعراض جانبية مثل الغباء الحاد والحماقة المزمنة وأحياناً يصيب البلعوم بعاهة مستديمة تجعله يمقت الفول والجبنة القديمة".

لم أستطع التكهن ساعتئذٍ بسبب رد فعل هذا الرجل، فقد ارتعدت فرائصه، وغارت عيناه وانزلق لسانه من فمه كجلمود صخر حطه السيل من عَلٍ، فبادرته بالقول: "يبدو أنك أصبت بالجنون؟" فازدادت حالته سوءا لسماع هذا القول حتى كاد يغشى عليه من الهول، وحاول الهرب بين الجموع الشعبية كفيلٍ يجري ويهرول في أزقة القاهرة المعزية وظل يصرخ بأعلى صوته كأن بصوته أسلاكاً مكهربة: "مجنونان في المركبة! مجنونان في المركبة!"

وعندئذٍ تعالى الصياح وكثرت الجلبة، وسمعت رجلاً يقول: "ما الذي يجري في أقصى العربة؟" فناديت عليه بأن أقدم فأشار إليَّ بأن نعم، فجاء رجل مُسَرْبَلُ الشباب مهندم الثياب على ملامحه مسحة من حِدَّة ومُحَيَّاه ينطق بالالتزام والجدة، وسألني عن الأمر برمته وأجبت مما لاشك في صحته وهو أنني لست من خريجي معهد "العباسية" آليت على ذلك بأغلظ الأَليَّة، فقال لي: "صادق .. صادق لا داعي للحلف والأيمان فأنت لا يبدو عليك أنك من سكان المارستان"، وهدأت بعد ذلك الجلبة والصياح، فقال لي "يا صاح .... هات ما في جيبك في الحال" وقد وخزني بمدية صغيرة تسمى "قرن الغزال"، فقلت له: "ذلك محال"، فقال: "لا تكثر من الكلام يا أبله، وإن زِدْتَ فسوف أوجهك صوب القبلة"، فخفت من نظراته وهيئته، وتألمت من وخزات مديته، وحملني ذلك الخوف وذاك الرعب على تركه يعبث في جيوبي من جيب لجيب، وبعد أن فرغ مني وزاغ عن الأبصار فكأنى به يمثل قول الشاعر:

يعطيك من طرف اللسان حلاوة ويروغ منك كما يروغ الثعلب

أما وقد كثرت الثعالب والبشر ذوي المخالب، فلا مكان للحملان والإنسان في هذا المكان، وخرجت من الحافلة كما دخلتها أول مرة في موقف لا أحسد عليه، مضيت لا ألوي على شيء حتى وصلت إلى مكان فيه ظلٌ وفيء، فقلت .. "الحمد لله .. إن بعد العسر يسرا"، وتقدمت نحو الحارس أسأله عما إذا كانت هذه البناية العالية هي ذاتها "المصلحة الحكومية" التي أرومها فأجاب بالإثبات، فسألته عن اسمه فقال "اللتَّات"، فقلت له: "يبدو أنك تعمل في صنع الفطائر والمعجنات، أخبرني بالله عليك أين قسم ... "، وقبل أن أكمل الكلام، أشار إلى رجل هُمَام يقف هناك عند الباب بالأمام، فشكرته جزيلا، ومشيت نحو الرجل وسألته سؤالي، فوصف لي الطريق كأنه متاهة الدهليز، وأشار إلى مبنى بعيد بجوار شجرة جميز وقال "هناك مطلبك .. هناك مأربك"، وانطلقت فرحان جذلان بوجه متورد كشقائق النعمان وعينان بالضوء تلمعان، ولحظة ولوجي الباب رأيت جمعاً من الشيوخ والشباب ينتظرون المصعد رغم تلك اللوحة المعلقة على بابه تعلن عطله وخرابه! وتعجبت حقيقة من الموقف وقد بدأ البعض في التذمر والتأفف وقلت لهؤلاء: "ألا ترون تلك اللوحة المعلقة مكتوباً عليها إنذار بتعطل المصعد؟" فرد أحدهم بوقاحة "ليس هذا من شأنك يا أَباشِيّ"، فكظمت غيظي وتنحيت جانباً وتبادر إلى سمعي حينئذٍ همسات وكلمات كأنها أساطير الأولين وأشهرها أسطورة "السلمة المكسورة"، وهي سلمة توجد في كل طوابق المبنى رغم أن الكلام يبدو بلا معنى، إلا إنني علمت فيما بعد أن هذه "السلمة" توجد لكل مواطن حيث تكون حاجته، فإن كانت حاجته في الطابق الثالث، تواجدت في الطابق الثاني وهكذا دواليك، وقد تنجو منها لكن ذلك بيضة الديك، وتمنيت حينئذٍ ليس كما تمنى الشاعر الجاهلي الذي قال:

ولقد زرتنا مرة في العمر واحدة ثَنِّي ولا تجعليها بيضة الديك

ليت هذي "السلمة الملعونة" لا تأتي أبداً حيث لا ينقصني من كل هذه المعاناة إلا كسر الساق، وفي هذه الحالة فأنا لا أملك الصبر حتى يأتي الترياق من العراق!

وصعدت الدَّرَج مع الصاعدين ولهثت مع اللاهثين وتعذبت مع المعذبين حتى وصلت إلى "الأرشيف"، فأول ما رأيت موظف يمسك بيضة ورغيف، وما أن رآني حتى أخفاهما عني، وسألني بلهجة أجفَّ من غصنٍ معمر "ما حاجتك" فقلت "كذا وكذا .." فقال "انتظر هنيهة"، ثم ترك الغرفة وخرج وتأملت لوحة عليها عبارة "الصبر مفتاح الفرج"، ثم عاد بعد ذلك وجلس على مكتبه وبقيت أنا أحاوره، وقام في تباطؤ وتحرك في تخابث، ثم ظل ينظر لي نظرات عجيبة، ويأتي بأفعال غريبة مثل أن يفتح "الدُرْج" ويغلقه بسرعة أو يتمتم بكلمات لم أتبين منها إلا كلمة "شاي" فقلت على الفور: "أ أنت مصروع أم بُهلول؟" فلم يرد ثم رفع رأسه وقال وهو يغمز بعينيه ويتمتم بشفتيه ثم خرج من جوفه صوت خفيض كأنه صدى بعيد "خمسة جنيه .. خمسة جنيه ... في الدرج بسرعة .. وإلا". أحسست كأني أحلم بكابوس بغيض وقلت له بمنتهى الاقتضاب "ولِمَ؟" فهاج وماج وقال إنني مثير للأعصاب وطلب خمساً أخرى تحت الحساب تعويضا لتلف الأعصاب، فقلت مغاضباً "وضح وجهة نظرك، من فضلك"، فقال: "القانون في هذه المصلحة ينص على أن كل مواطن تُقْضَى له حاجة ملزم بتقديم "هدية رمزية" للموظف العامل في المصلحة وهذا قانون غير قابل للتبديل أو التغيير أو التعديل وهو قانون سائد في جميع المصالح والمحافظات وفي الريف والحضر والمدر والوبر".

قلت له: "كاذب أفاق! وما تسميه هدية أيها اللص ما هو إلا رشوة"، فردَّ بهدوء الذئب الشبعان: "معاذ الله! رشوة! أبعدنا الله عن الرشوة وأهل الرشوة"، فقلت له: "هذا طمع ورزق غير مباح لك"، فقال: "يا بِكْ .. من يقف على شاطيء البحر يحسن السباحة والغوص، ومن يرى الضرب ليس كمن يعده .. لذا لا تكثر الكلام والثرثرة في أمور أنت بها جاهل". فدفعت له ما تبقى معي من نقود على سبيل الزكاة لا على سبيل الرشوة وحاولت إثناءه عن اعتقاده بقانونية هذا العمل الآثم.

وأُبْتُ إلى البيت حامداً الله على السلامة والعود الأحمد، وجلست إلى مكتبي واستقبلت جهاز الحاسب المتصل بالشبكة الدولية للحاسوب، وهي شبكة خدماتها تأخذ بمجامع القلوب، وتمكن من الحصول على العلم بلا لغوب، وأعطيت أمراً للحاسب بعرض كتب عن الرشوة في القديم والحديث، لكن رُبَّ حثيث مكيث، فقد حدث انقطاع في التيار الكهربائي عن البيت، وما أن عاد التيار، حتى ظهرت على الشاشة أسماء وأخبار، استرعى انتباهي كتابان أحدهما للمتقدمين واسمه "أصل الرشوة في الغدوة والعشوة" وكتاب لأحد المتأخرين وهو مكتوب باللغة العامية وهو ركيك العبارات، مصكوك الاصطلاحات واسمه "أحوال الراشي والمرتشي بالمفتشر"، وظهر على الشاشة نبذة عن مقدمة الكتاب الأول:

"اعلم – علمك الله الخير ووقاك من تلك الفئة الباغية والعصابة المجرمة العاتية – أن الراشين والمرتشين سواء فقد لعنهم الله ورسوله والمؤمنون، ولهذه العُصْبة أسماء وصفات تبرز لدارس فقه اللغة واللسانيات، فأصل الرشوة من "الروشنة" وتعني الخفة في الحركة والعقل، وهي كلمة محكمة الصقل، فصيحة الأصل، فهم يتحركون في خفة ورشاقة كالرشا العطشان، ويتميزون بالطيش والنَّزَق ويتصرفون كمن في بُحْران، كما أنهم كالدب الشرس والذئب المفترس في الجشع والشراهة، وإن حاورته أسقطك في قلب المتاهة، وأحب شيء لديهم هو أن يَرُشَّ الناس عليهم المال، فهم يأكلون التراث أكلا لمَّاَ، ويحبون المال حباً جماً، وأما عن صفة هؤلاء فهم يتميزون بغموض الملامح وجود القرائح، إن رأى العشر جنيهات تدخل جيبه سال لعابه، وإن زحفت الخمسين إليه فقد صوابه، وإن طارت إليه المائة طار غرابه، يعملون في النهار الأحمر والليل الأغبر، وطريقهم مفروش بالدولار الأخضر ولشَدَّ ما يمقتون بني عسكر ..... "

ثم أعطيت أمراً بعرض مقدمة الكتاب الآخر فعرض جملة موجزة، عن المعنى معبرة "البرطيل ... شيخ كبير" ... فتأملت في الجملة لبرهة، ثم قمت فأطفأت الجهاز وعَرَّجْت على الصلاة، وبعد الصلاة دعوت الله بأن يقينا شرور الناهبين والناهبات، والسارقين والسارقات، والمحتالين والمحتالات، والنصابين والنصابات، والناشلين والناشلات، والسارقين بالإكراه والسارقات، والمختلسين والمختلسات، والمبددين والمبددات، والراشين والراشيات، والمرتشين والمرتشيات الأحياء منهم والأموات إنك سميع عليم مجيب الدعوات يا رب العالمين!


This page is powered by Blogger. Isn't yours?