Monday, August 29, 2005

 

Which Religion is the right one for you?

You scored as Islam. Your beliefs are most similar to those of Islam. Do more research on Islam and possibly consider taking the shahadah and officially becoming a Muslim, if you aren't already.

Despite the actions of some - who go against the teachings of Islam - Islam is a religion of peace; the word "islam" means "peace through submission to God." "Muslim" means "one who submits to God." Islam is the third of the three Abrahamic faiths, and it shares much with Judaism in Christianity; its differences are the acceptance of Muhammad as the last and final prophet, and the oneness of God - in other words, that Jesus, though he was a revered prophet, was not in fact God, and only one God exists. Apparently the Taliban could not read (though their name means "students"), because the Qur'an states that men and women are equal as believers, and that all believers should be educated and seek knowledge. Modesty in dress and behavior is required in Islam for both men and women to preserve the values of society and move the emphasis from superificial appearance to intelligence, knowledge, and God.

Islam

92%

Judaism

71%

Buddhism

63%

Satanism

50%

Hinduism

42%

Paganism

38%

atheism

25%

Christianity

25%

agnosticism

21%

Which religion is the right one for you? (new version)
created with QuizFarm.com

Monday, August 22, 2005

 

كيف يرى الأمريكان مستقبلنا؟





ملحوظة: عنوان الكتاب الأصلي "الشرق الأوسط عام 2015: أثر التوجهات الإقليمية على التخطيط الاستراتيجي الأمريكي"

نشر هذا المقال بمجلة "وجهات نظر" في العدد رقم (68) سبتمبر 2004 تحت باب "إصدارات جديدة: سيناريوهات أمريكية للشرق الأوسط عام 2015"

إذا كان المثل الشعبي لدينا يقول "الجواب بيبان من عنوانه"، فبإمكاننا سحب هذا الكلام على الكتاب لنقول إن "الكتاب بيبان من عنوانه" أيضاً. عنوان الكتاب "الشرق الأوسط عام 2015" مع عنوان فرعي "أثر التوجهات الإقليمية على التخطيط الاسترايجي الأمريكي". تعمل محررة الكتاب د. جوديث إس. يافي الآن كأستاذة باحثة ومديرة لمشروع الشرق الأوسط في معهد الدراسات الاستراتيجية الأمريكية بجامعة الدفاع القومي الأمريكي، كما عملت أيضاً كمحللة سياسية بمكتب الشرق الأدنى وجنوب آسيا التابع لوكالة الاستخبارات الأمريكية (سي. آي. إيه). الاستنتاج الأول الذي لابد أن ينصرف الذهن إليه هو أن موضوع الكتاب ينتمي إلى التخصص الدقيق لمحررة الكتاب. هذا أمر له دلالات متعددة أبسطها – أو لعله أوضحها – الإيهام بأن ما يذكره هذا الكتاب هو "الحقيقة" ليتحول بذلك من مجرد كتاب في المستقبليات أو تنبؤات يصيب أصحابها حيناً ويخطئون أحياناً إلى "كتاب حقائق" Factbook يتناول ما سيكون عليه الشرق الأوسط بعد حوالي عقد أو أكثر من الزمان!

نُشِرَ هذا الكتاب ضمن أدبيات "الحرب على الإرهاب"، تلك الحرب التي دشنتها الولايات المتحدة في أعقاب الهجمات الإرهابية التي استهدفت برجي التجارة العالمي بنيويورك ومبنى وزارة الدفاع (البنتاجون) وراح ضحيتها أكثر من ثلاثة آلاف شخص لتشير أصابع الاتهام (الأمريكية) إلى تنظيم القاعدة بزعامة المنشق السعودي بن لادن. وإذا كانت إدارة بوش الابن قد جعلت من "الحرب على الإرهاب" – كما يطلق عليها – من أهم أهدافهما الاستراتيجية بل وفي أعلى القائمة في أجندة السياسة الخارجية، فمن البديهي أن يتساءل مجلس الاستخبارات القومي التابع للسي. آي. إيه عن مستقبل الشرق الأوسط خاصة أن منفذي هجمات سبتمبر الإرهابية التسعة عشر ينتمون – جميعاً – إلى هذا الشرق الأوسط.

طرح السؤال كالتالي: ماذا سيكون حال الشرق الأوسط بعد حوالي عشر سنوات؟ وجاءت الإجابة مكونة من اثنا عشر فصلاً – أو بالأحرى ورقة بحثية – تتناول الجزائر والمغرب ومصر وإسرائيل وفلسطين وإيران والعراق ودول الخليج بالإضافة إلى فصلين عن السيطرة على انتشار الأسلحة في الشرق الأوسط والعلاقات التركية الإسرائيلية.

تقول جوديث يافي إن العمل بدأ في هذا الكتاب عام 1999 أي قبل أحداث سبتمبر بعامين، ورغم ذلك لم يتعرض أي من المؤلفين إلى الشرق الأوسط كمَصدر أو مُصدِّر للإرهاب إلى أمريكا/العالم. كما يعتبر الفصل الثامن المخصص لبحث مستقبل العراق دليلاً آخر يهدم أسطورة "كتاب الحقائق" التي لا تكاد تبرح نبرتها شديدة الثقة بنفسها فقرة واحدة من الكتاب كله؛ فعنوان الفصل/الورقة البحثية "العراق: هل هناك صدام آخر في الأفق؟" مراوغ حيث يتوقع القارئ أن تفرد مساحة أكبر لما يتوقع أن يحدث في العراق في المستقبل وفقاً لرأي "عديد داويشة" و"جوديث يافي" مؤلفي الفصل. يركز الفصل بدلاً من ذلك على العراق عام 2000 (سنة تأليف الورقة البحثية) متناولاً بالتحليل أموراً اكتظت بها الكتب والدوريات مثل الظروف التي أحاطت بسيطرة صدام حسين على السلطة في العراق في السبعينات وخلفية عن حزب البعث العراقي وطبيعة التكوين الديموغرافي للعراق، الخ. رأى داويشة ويافي أن صدام سيظل في السلطة حتى عام 2015 أو ستنتقل السلطة إلى ابنه قصي. هذا الطرح أضعف نقطة – بطبيعة الحال – في كتاب يتحدث عن المستقبل السياسي لدولة من دول الشرق الأوسط بعد أن اغتصبت الولايات المتحدة نفسها مقاليد السلطة من يد حاكمها وقتلت قواتها أو قوات حلفائها ابنيه!

في دراسة المستقبليات لابد من البدء من المعلوم (الحاضر/الماضي) للتنبؤ بالمجهول (المستقبل). ولهذه الحركة الاستدلالية العقلية عند الانتقال من المعلوم إلى المجهول إلى جانب مميزاتها التقليدية مساويء منهجية. فالافتقار إلى المنهج الإمبريقي والجنوح – أحياناً – إلى المنطق الاستدلالي الصوري يؤدي إلى "الإيهام" بأن ما نقرؤه ونستوعبه هو الحقيقة، والسبب في ذلك عدم دقة أو خطأ المقدمات المطروحة (ما يطرح على أنه الحقائق فيما يتعلق بالسياسة والاقتصاد والاجتماع في الشرق الأوسط سواء في الحاضر أو الماضي القريب) لأسباب لا ترجع إلا لقصور في مصادر المعلومات والبيانات أو لسيطرة الأيديولوجية والتحيز على المؤلف.

تبدأ يافي مقدمة الكتاب بالحديث عن نظرة الأمريكيين "المقولبة" (الراهنة) الى الشرق الأوسط شعوباً وحكومات التي تختزل هذا الفضاء الجيوسياسي إلى دول صغيرة غنية بالثروات (النفط غالباً) وفقيرة في الموارد البشرية، ودول كبيرة غنية بالموارد البشرية وفقيرة في الموارد الطبيعية. الحاكم في هذه الدول رجل تقليدي "ينتخب" بالإجماع من أسرته أو قبيلته أو حزبه. يعاني هذا الشرق الأوسط من تضخم سكاني خاصة في ظل تزايد أعداد الأطفال والشباب مقابل كبار السن. النساء لا زلن يعانين من عدم وصولهن إلى التعليم العالي. التعليم بشكل عام ديني اختزل أيضاً في "كتاتيب" تحفيظ القرآن الكريم مما أدى لإهمال المهارات العملية اللازمة لدخول السوق العالمية.

لهذه المقدمة دلالتها أيضاً إحداها الإلحاح على فكرة الثبات وغياب أية آفاق لتغير ملموس (إلى الأفضل) في المستقبل القريب. تقول يافي: "ظل الشرق الأوسط مستقراً إذا استثنينا قيام الثورة الإسلامية عام 1979 في إيران والانقلاب العسكري في السودان عام 1989". تقودنا هذه الأطروحة إلى نتيجتين قد تبدوان متناقضتين للوهلة الأولى وهما أن الشرق الأوسط أرض خصبة للتغير وأنه يميل رغم ذلك إلى "انعدام الحركة". لكن هذا التناقض سرعان ما يزول عندما نعرف أن التخطيط الاستراتيجي يهدف – وإن لم يصرح بذلك – إلى "انعدام حركة" التغيير في الشرق الأوسط إذا كان هذا الثبات خادماً للمصالح الأمريكية، في حين يسعى إلى مقاومة "التغيير" إذا تعارض هذا التغير مع تلك المصالح. والأمثلة على ذلك أكثر من أن تحصى آخرها تجهيز حرب كاملة على العراق "لتغيير" النظام الحاكم وإزاحة صدام عن كرسي السلطة لأن وجوده لا يخدم المصالح الأمريكية بالمنطقة بقدر ما يضرها.

الهدف الأساسي للكتاب تحديد عوامل القوة والضعف في التوجهات الإقليمية بالشرق الأوسط على المدى المتوسط والبعيد. لتحقيق هذا الهدف، طرحت أربعة أسئلة أساسية ليجيب عنها مؤلفو الفصول الاثنى عشر، وهي: (1) ما التغيرات السياسية المحتمل وقوعها، وكيف يمكنها أن تؤثر على المصالح الأمريكية؟ (2) ما التغيرات الاقتصادية المحتمل وقوعها، وكيف يمكنها أن تؤثر على المصالح الأمريكية؟ (3) كيف ستُستَعرض القضايا المهمة بالنسبة للولايات المتحدة؟ (4) ما الأمور التي يمكنها أن تغير من الافتراضات الاستراتيجية الأمريكية؟ هذا إلى جانب معالجة عدد من العوامل المهمة بالنسبة لأي استراتيجية أمريكية في المنطقة مثل تغير الحكومات السياسية وانتشار أسلحة الدمار الشامل والجهاد الإسلامي والتغيرات السكانية.

حصرت يافي التوجهات الإقليمية في الشرق الأوسط (الراهن) والتي يتعين على التخطيط الاستراتيجي الأمريكي وضعها في الحسبان في المستقبل فيما يلي:

1. توجهات سياسية قارنت بين "تفاؤل" أمريكي و"قدرية" شرق أوسطية. وبينما يرى إبراهيم كروان أن الخطر (على المصالح الأمريكية) لا يكمن في الصحوة الإسلامية أو العروبية، وإنما في رؤية العرب – خاصة الشباب منهم – للعولمة "كمؤامرة أمريكية إسرائيلية لتهميشهم"، ترى محررة الكتاب أن الخطر يكمن في "القوة التفجيرية" لأعداد متزايدة من الشباب من أنصاف المتعلمين والعاطلين في المدن العربية. (لاحظ الإلحاح على هذا الطرح من جانب تيار المحافظين الجدد في أمريكا مثل صامويل هانتجتون).

2. توجهات اقتصادية وتتميز بالتشاؤم واستعصائها على التحليل والتنبؤ الدقيق. فالشرق الأوسط يعاني بوجه عام من الكساد الاقتصادي وتقف أمام حكام هذا الشرق – أياً كانوا – تحديات اقتصادية كتوفير الغذاء والماء ورفع مستوى المعيشة والحد من التدهور البيئي وتوفير فرص العمل ومواجهة الأزمة السكانية وجذب الاستثمارات.

3. أزمة الغذاء وهي مشكلة تتعاظم في ظل ضعف الاكتفاء الذاتي في إنتاج الغذاء، وتتصل هذه المشكلة بالدمار البيئي وغيره من مشكلات مثل التصحر وتآكل التربة.

4. التطرف الديني الذي ينمو ويزدهر في ظل القهر السياسي والكساد الاقتصادي. ثمَّة تمييز بين الجماعات الإسلامية التي ترغب في تحكيم الشريعة الإسلامية وتلك الجماعات الأكثر تشدداً والتي لا ترى حلاً سوى "الجهاد". ورغم تفاوت نهج الحكومات العربية في التعامل مع هذه الجماعات، إلا أنها تتفق في عدد من الاستراتيجيات مثل التعايش والقمع والسيطرة. لم يفت د. جوديث يافي الحديث عن ظاهرة "التطرف اليهودي" في إسرائيل إلا أنها ترى أن الأصوليين والعلمانيين اليهود يتفقون في أهمية الدفاع عن "الحقوق" اليهودية في الأرض مع اختلاف استراتيجيات الدفاع بطبيعة الحال.

يقسم الكتاب بلدان الشرق الأوسط التي اختار تناولها إلى ثلاثة أقسام على أساس جغرافي هي: بلاد "المغرب" وهي الجزائر والمغرب ومصر (لاحظ أن إدراج مصر ضمن بلاد "المغرب" بدلاً من "المشرق" إهدار للبعد التاريخي والجغرافي والدور السياسي الذي تريد ولابد لمصر أن تلعبه في الصراع العربي الإسرائيلي)، وبلاد "المشرق" وهي إسرائيل وفلسطين وإيران والعراق، ودول "الخليج" العربي.

بالنسبة لما يتوقع حدوثه في بلاد "المغرب" فإن محررة الكتاب ترى أن مصر هي الدولة الأكثر تماسكاً وبعثاً على التفاؤل. تظهر قوة الجيش بالتعاون مع رجال الأعمال لتحدد أية سلطة سياسية في المستقبل. وفقاً للمبدأ الاستدلالي وليس الاستقرائي يُتوقع أن ينهمك الجيل المقبل عام 2015 في مشكلاته ومصلحته الذاتية ليبتعد عن اهتمامه بالصراع الفلسطيني الإسرائيلي. وفي ظل سعي القيادة السياسية المستقبلية للريادة الإقليمية، فإن الولايات المتحدة ستنظر إلى العلاقات الأمريكية المصرية باعتبارها علاقات تكتيكية وليست استراتيجية. المثير في هذا المقام إلحاح التخطيط الاستراتيجي الأمريكي على أن مستقبل مصر لن يعتبر مستقبلاً "واعداً" إلا في ظل المزيد من الاستقرار السياسي والخصخصة وفتح الباب أمام الاستثمارات الأجنبية.


الانفجار السكاني المتوقع في الجزائر سيجعل خلق المزيد من الوظائف للشباب الهم الأول والأخير للحكومة الجزائرية عام 2015. من المتوقع – في ظل هذه الظروف – أن يزيد العنف والمطالبة بالإصلاح السياسي. لذا، يحتمل أن تبتعد الجزائر عن الصراع العربي الإسرائيلي لتتجه نحو الغرب والشمال. أما بالنسبة للمغرب، فرغم الآمال المعقودة على الملك محمد السادس للقيام بالإصلاحات السياسية والاقتصادية، لم يبد حتى الآن أي تقدم ملموس في تغيير ما كان عليه الوضع في عهد أبيه.

رغم نبرة التشاؤم التي تطفو على السطح هنا وهناك، يرى الكتاب أن القضية الفلسطينية ستكون في طريقها إلى حل بما لا يجعل الصراع العربي الإسرائيلي عاملاً محورياً في التوجهات الإقليمية وبالتالي في التخطيط الاستراتيجي الأمريكي. يأتي هذا الطرح من خلال توقع ميل الشباب الإسرائيلي (خاصة المهاجرين الروس) إلى تحقيق المكاسب الاقتصادية والاجتماعية بدلاً من الصراع على الأرض. إلا أن جهود السلام التي يؤيدها الفلسطينيون المعتدلون واليهود الليبراليون يمكن أن تتحطم على صخرة التطرف من كلا الجانبين.

بالنسبة لدول الخليج، فإنها ستظل تعتمد اقتصادياً على موارد النفط والغاز الطبيعي. من الطبيعي أن يرسم الشباب الخليجي – وفقاً لرؤية الكتاب – نظرته للمستقبل من خلال الاستفادة من عوائد النفط. يسيطر على الدول الخليجية اتجاه نحو زيادة عدد السكان مما سيؤدي عام 2015 إلى زيادة معدل البطالة وعدم التمتع بمستوى الرفاه الاجتماعي الذي تمتع به جيل الآباء. من جانب آخر، يؤدي غياب "البعد التاريخي" – أي جهل الخليجيين بفترة ما قبل ظهور النفط وجهل الشباب العراقي بمرحلة ما قبل صدام وجهل الشباب الإيراني بما قبل الثورة الإسلامية – إلى ضعف الرؤية السياسية وزيادة الشعور بالاحباط.

التغير ليس حتمياً في إيران 2015. ولن يشكل التوجه المعتدل في السياسة الخارجية والدفاعية الإيرانية أي تهديد إذا استمر في المستقبل على المصالح الأمريكية في المنطقة. الوضع الأمثل للعلاقات الأمريكية الإيرانية هو التعاون البناء خاصة في ظل سيطرة الإصلاحيين على مقاليد السلطة في العقد القادم إلى جانب زيادة التعاون السياسي مع أوروبا. أما في الفصل المخصص لمناقشة العلاقات التركية الإسرائيلية، يرى ألان ماكوفسكي أنه رغم وصف تلك العلاقات بأنها "استراتيجية" أكثر من وصفها "بالتحالف" فإنه يتوقع أنها لو تجاوزت نقاط الخلاف الاستراتيجية خاصة قضية الأكراد وتقسيم العراق والعلاقات مع إيران، فسوف تعتبر نموذجاً يحتذى به لباقي دول الشرق الأوسط في ظل سلام وتطبيع شامل مع إسرائيل.

إلى جانب تعبيره عن توقعات كتّاب وباحثين لهم وزنهم، فإن هذا الكتاب لا يجب قراءته على أنه مصدر للمعلومات – سواء عن الوضع الراهن أو المتوقع في الشرق الأوسط – أكثر من قراءته ككاشف عن العقل الأمريكي في ثوبه الليبرالي المحافظ الجديد!


Thursday, August 11, 2005

 

موت المترجم ... للمتخصصين فقط


هذا المقال ليس – بأي حال من الأحوال – تعبيراً فكرياً أو أيديولوجياً عن فلسفة نهاية الأشياء أو موت الإنسان، ولا هو أيضاً صورة بالأبيض والأسود لقداس جنائزي أقامه كاتب يبكي بحرقة عند ضفاف بحيرة "ليمان" على موت الإنسان الوحيد المؤمن بإمكانية التواصل باللغة في رقعة رحبة الأرجاء من "الأرض الخراب"، كما أؤكد لك – عزيزي القارئ الفاضل – أن هذا المقال لن يعمد عن وعيٍ إلى تبني شعار "عاش المؤلف ، مات المترجم" على اعتبار أن المؤلف هو الوريث الشرعي الوحيد لتركة "الكتابة" التي تركها المترجم طوعاً أو قسراً بعد موته حقيقةً أو مجازاً أو كليهما معاً!

الكتابة إذاً ميراث تركه موروث (المترجم) لوارث (المؤلف) . هذا يعني أن المؤلف وحده أحق بلقب "كاتب" ، بينما على المترجم أن يقنع بمنزلة بين منزلتين أحسنهما كاتب ثانوي وأسوؤهما "سمسار" أو وسيط بين كاتب من الطبقة الأولى وقارئ أو ناقد . ومن هنا نشأت الفكرة القديمة الحديثة عن "خيانة" المترجم إذا لم يحسن القيام بدوره الأزلي في النقل الأمين لأفكار الكاتب الأول أو المؤلف ، وتستدعي هذه الفكرة المنزلة الأدنى من المنزلتين اللتين على المترجم أن يتحرك في فلكهما . ومن ثمَّ أصبح منتهى أمل المترجم أن يوصف بالأمانة في النقل عن الآخر (المؤلف) لكيلا يوصم بالخيانة ويحرم بذلك من كل ما يتمتع به المؤلف من امتيازات التأليف والكتابة و"السلطة".

الكتابة – أو التأليف – سلطة . ما في ذلك شك . ذلك بالضبط ما قصده رولان بارت في مقاله الفاصل عن "موت المؤلف" (1968) مدشناً بذلك عهداً جديداً من القطيعة مع ما يسمى بالنقد البيوغرافي أو النقد الأدبي المعتمد على السيرة الذاتية للمؤلف . المقصود من موت المؤلف – في هذا السياق – نهاية السلطة المزعومة والمنسوبة إلى المؤلف على نصه . والقول بنهاية هذه السلطة يأتي في سياق تمرد البنيوية وما بعدها على فكر "النقد الجديد" الذي ينظر إلى النص باعتباره كياناً مستقلاً متسقاً متمتعاً بالوحدة العضوية . جاء مظهر هذا التمرد والرفض البنيوي في مقولات بارت عن الكتابة/التأليف فهي – في رأيه – لا تعدو عن كونها مزجاً من كتابات موجودة سلفاً ، وإعادة إنتاج لهذه الكتابات وتجميعها . كما أن رؤية بارت لوظيفة الكتابة لا تقل ثورية ، فهي ليست تعبيراً عن "ذات" المؤلف أو الكاتب كما يرى أنصار النقد البيوغرافي والنقد الجديد ، بل هي لا تزيد على أن تكون "ترجمة" تعتمد على مفردات مستقاة من معاجم الفكر والثقافة الهائلة التي "كتبت من قبل".

فالمؤلف – إذاً – مترجم من وجهة النظر الحرفية لبارت ، لكنه – أي المؤلف – لا يهبط من درجات العلى التي طالما ارتقاها في ظل النقد والفكر الكلاسيكي إلى دركات الوساطة والسمسرة – إن جاز التعبير – عند بارت . المؤلف بكل بساطة ووفقاً لرأي بارت كاتب من الدرجة الثانية ، أو لنقل بصورة أكثر توضيحاً ، إننا لو اعتمدنا الفرضية القائلة بتماهي الحدود الفاصلة بين المؤلف والمترجم ، فهذا يعني تحول المؤلف من "إله" سلطوي مطلق إلى مجرد "وظيفة" حسب تعبير ميشيل فوكو . بعبارة أخرى ، تحول النقد البنيوي – أو حاول – الانتقال بالنقد الأدبي من البحث في "ذات" المؤلف أو البحث عنها إلى الوصول إلى "موضوع" النص .

في حالة التداخل الشديد بين وظيفة المؤلف والمترجم حيث كلاهما "ناقل" بشكل أو بآخر للأفكار وفقاً للفهم البنيوي وما بعده ، فمن الأجدى عرض بعض النماذج الحية التي تثبت بالفعل وجود التداخل الوظيفي بين المؤلف والمترجم ، أي أن يصبح المؤلف مترجماً والمترج مؤلفاً . في الحالة الأولى يعمل المؤلف – بشكل لا واعٍ غالباً – على ترجمة المفردات التي يستخدمها في نصه بحيث تبدو للقراء من المتحدثين الأصليين للغة وكأن تلك المفردات أو التراكيب أصيلة في اللغة الهدف . فعلى سبيل المثال ، يقابل الكثير ممن يقرؤون الإنتاج الفكري الغربي الذي يتناول الشرق ، تجد أن بعض هؤلاء الكتاب يعمد إلى استخدام كلمة "محمدي" و"محمديون" للإشارة إلى "مسلم" و "مسلمين" . كلمة "محمدي" هذه ليست سوى ترجمة (لا يهم هنا الحكم عليها بالجودة أو الرداءة) قام بها "مؤلف" ما لنقل فكرة مفادها أن المسلم (المحمدي) هو المؤمن بمحمد مثلما أن المسيحي هو المؤمن بالمسيح . ياء النسب هنا وهناك أدت ببساطة إلى تحويل هذا المؤلف أو ذاك إلى مترجم . من الأمثلة المشابهة أيضاً وصف المسجد بأنه "كنيسة أو معبد إسلامي" ؛ الإشارة إلى الشيوخ بأنهم الكهنة أو القسس المسلمون أو المحمديون ؛ ووصف أولياء الله الصالحين بأنهم قديسون ، الخ .

الإشارة إلى حالة المؤلف الذي استحال مترجماً شائعة إلى حد كبير في الكتابات التي يضطر الكاتب فيها أن يكون "وسيطاً" بين ثقافتين متباينتين . وكثير هم المؤلفون الذين "يترجمون" خطابهم إذا اضطرهم هذا الخطاب إلى الاستعانة بالعبارات المقيدة ثقافياً ، وهي تلك العبارات أو التعبيرات التي تكتسب معناها من السياق الثقافي العام .

ليس أقل من المؤلفين الذين أضحوا مترجمين أولئك المترجمون الذين صاروا مؤلفين . المقصود بالمترجم الذي يؤلف ليس ذلك الكاتب الذي يترجم حقيقة ويؤلف مجازاً ، لكنه ذلك الكاتب يترجم مجازاً ليؤلف حقيقةً . هذا المترجم يجهل حقيقة وضعه تمام الجهل فيخضع لسيطرة لفكرة التراتبية أو الثنائية الجائرة بين مؤلف يحتل المركز ومترجم لا ينال إلا الهامش . ولا يسع المقام هنا لسرد أمثلة المترجمين الذين فشلوا في الترجمة فعرّجوا على التأليف اعتقاداً منهم أن المهمة أسهل وأنه لا سبيل لكشف الجريمة لاسيما إن غاب الدليل!

هل موت المترجم هو الحل لمسألة الأمانة أو الخيانة؟ لابد من إعادة صياغة السؤال إذا أردنا الانطلاق من فكرة مناهضة للفلسفة المنادية بموت الإنسان . الفرق الجوهري بين النقدين أو الفلسفتين النقدية الثقافية والبنيوية يكمن في زاوية النظر ، فبينما لا يطمح كل من المؤلف والمترجم إلى أكثر من "وظيفة" كاتب هامشي في نظر البنيوية ، نجد على النقيض أن النقد الثقافي أو الإنساني يعتبر كلاً من المؤلف والمترجم كاتباً ذا أهلية ، منتمٍ إلى إنتاجه بلا اغتراب ، لكن الفرق الوحيد بينهما هو هامش الحرية الذي يتمتع به المؤلف في إنتاج الأفكار أكثر من المترجم الذي يضطر إلى الالتزام بتلك الأفكار عند الترجمة . الصياغة الأفضل للسؤال هي : ما مدى المسئولية الأخلاقية والأدبية الملقاة على عاتق كل من المؤلف والمترجم تجاه ما ينتج؟ الإجابة الأولى التي تبادرت إلى ذهني هي أن المعاني (أو الأفكار) ليست ملقاة في الطريق كما قال الجاحظ يلتقط منها من شاء أن يؤلف أو يترجم ، كما أن المؤلف أيضاً لا "يملك" نصه كما يملك سائس الخيول أحد خيوله على حد تعبير شكلو سكي . وبما أن المؤلف لا يملك ، فإن المترجم لا يملك أيضاً . المؤلف/المترجم – في ظل هذا الفهم – أشبه برئيس الوزراء في نظام سياسي نيابي (يحكم ولا يملك) مقابل الملك الذي (يملك ولا يحكم) ؛ وعلى أساس هذا "الحكم" أو السلطة – سلطة الحكم وليس الملكية – تبنى مسئولية المؤلف/المترجم تجاه إنتاجه .

لابد من الاستدراك أن سلطة المؤلف أو المترجم والتي تستتبع مسئوليته أخلاقياً بل وقانونياً عما ينتج مؤلفاً أو مترجماً ليست سلطة لاهوتية تعمد إلى طمس بذرة التعددية الكامنة في النص بل وتغلقه تماماً حتى يكون قاصراً على رؤية هذا المؤلف "الإله" على حد تعبير بارت . يمكننا القول إن كلاً من النقدين البنيوي والثقافي يهدف إلى فتح آفاق النص على أساس أن القاعدة الذهبية هي كلما تعددت القراءات ، زاد ثراء النص وازداد معه وعينا بخباياه وبالتالي زادت المتعة أو "اللذة" التي نحصل عليها منه .

This page is powered by Blogger. Isn't yours?